جديد (حياة الدنيا وجنة الخلود في الفن اليمني القديم.) !!
حياة الدنيا وجنة الخلود في الفن اليمني القديم.
دراسة اثرية فنية مقارنة.
ألباحث انور محمد الحاير
30 -12- 2019م
إن الفكر اليمني الإبداعي، وهو
مؤسس أنظمتهِ في تاريخ الإنسانية، تمكن من تصنيف الظواهر وإدراك ما بينها من
علاقات، فجعل لكل قوة في الوجود (رمزاً)، وعلى هذا النحو تحولت الظواهر إلى رموز
ومفاهيم مصورة بتقنيات فنية بحته، وهي تكثيف للأفكار بخطاب فني متمكن. إنها بمثابة
الوسيط، بين الطبيعة في بنائيتها المادية وعالم الميتافيزيقيا، وبجدل حيوي بين
فيزيائية الظواهر وجواهرها، فقد
استطاع الإنسان اليمني القديم تحويل المدركات وتاويلها إلى صور رمزية وإلى دلالات
معبرة باسلوب واقعي، إن هذه القطعة النذرية ( اللوحة: 1) غير مدروسة
دراسة علمية خاصة ومستفيضة فنيا وبكافة مدلولاتها اللغوية والاجتماعية والاقتصادية
والدينية وغير ذلك، وعدم الاهتمام بدراسة مثل هذه القطع الاثرية،كان سببا رئيسيا
للباحث لدراساتها ، ولاهميتها التي تحمل في مضامينها الفنية والرمزية الدلالية على
جوانب اجتماعية ودينية ترتبط بجوانب روحية لحياة الدنياء وحياة الاخرة ( جنة الخلد
) التي كانت لدى الانسان اليمني القديم شغله الشاغل الطاغي على فكره منذو القديم .
والألواح النذرية إبداع يمني قديم
(أصيل)، استخدمة مواد متنوعة لتشكيلها وسرد مضامينها الفنية (فن النحت) منها قطع
حجرية خاصة تلك التي تصنف انها من (المرمر) البراق ذوات أشكال مهندمة ومصقولة ،
تكون مربعة أو مستطيلة الشكل في أغلب الأحيان، البعض منها مثقوبة بثقب دائري أو
مربع الشكل، لغرض تعليقها على جدران المعابد او القصور والمساكن (اللوحة : ) عموما اللوح موضع الدراسة يتضمن مشهدين منفصلين عن
بعضهما البعض بشريط زخرفي هندسي خاص (اللوحة: 1 ).
والقطعة الاثرية والتي نعتقد انها تعود لمملكة
سبأ ومحفوظ حاليا في المتحف الوطني صنعاء (رقم: ) الذي يظهر من فكرة التكوين للوح، أن النحات واعٍ قبلياً
لفكرة المشهد، فبعد هندستهِ لسطح اللوح، نظّمهُ هندسياً لمشهدين أفقية( علوي
-سفلي)، المشهد العلوي اخذ مساحة اكبر من المشهد السفلي( اللوحة : ). أما آليات
سرد الحدث، فيمكن تعرفها من الأسفل إلى الأعلى، ففي الحقل السفلي يُعلن الحدث عن
شخصية المرأة وحياتها في الدنياء، وفي المشهد العلوي ، يُحتفى بالشخصية نفسها وقد
انتقلت المرأة الى المشهد العلوي وأصبحت النبيلة التي يحيط بها مجموعة من الولدان
المخلدون يتسابقون بأحضار ما تتطلبهُ من مائدة الأستقبال.
وفي المشهد العلوي (اللوحة: 1)،
تقع ذروة الحدث، حين تجلس المرأة النبيلة على السرير ممدودة بهيئة العظمة وهي تتكي
على الارائكة متكئة ترتشف النبيذ،في مناسبة طقوسية سعيدة. ويمكننا القول بان السمة الغالبة على الزمن، في آليات
سرد الحدث في مثل هذه الألواح، هي السمة (الواقعية)، لتنسجم مع المظهر الواقعي
لفضائها، ومع التعيين الذي يُحيط بالأماكن التي تدور فيها الأحداث.
عموما نرجح بان المشهد السفلي (
اللوحة :1- أ ) يعبر عن حياة المرأة في حياة
الدنياء،والذي يبدو انها كانت فارسة وصاحبة قوافل تجارية تمثلت بذلك الجمل الذي نعتقد
انها صاحبة الموقف على الخيل والجمل ، هنا يخاطبنا الفنان عن تلك المرأة وعن عملها
المضني والمتعب وانها كانت معظم اوقاتها مشغولة في مشاغل الدنيا ، عكس خطاب الفنان
في المشهد العلوي الذي استطاع رفعها الى المكان الذي تستحقة في حياتها الثانية
حياة ما بعد الموت( حياة الخلود ) ، وبالتالي نرجح بانها فكرة الايمان بالجنة،
طالما والايمان بالبعث في اليمن القديم معروف منذو القدم ، حيث كان يدفن الميت مع
أدواته التي يعتقد انه سوف يحتاجها في حياته الاخرى ، ولذلك ليس غريبا ايمانهم
بالجنة خاصة ولدينا نقوش مسندية(.نقوش التكفير) والتي لها مدلولات تكفر عن ذنوب
وخطايا كان يقدمها المذنب من اجل التوبة عن ذنوبه التي اقترفها في حياة الدنياء .
اذا كان هنالك ايمان بحياة الاخرة وجنة الخلد
والنعيم قبل الاسلام في حضارات جنوب شبه الجزيرة العربية ( سبأ، اوسان، معين،
قتبان، حضرموت،حمير) والتي اعدت للصالحين المؤمنين بما بعد الموت ، قال تعالى : يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ(17) بِأَكْوَابٍ
وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ(الواقعة-18). وقال تعالى :أُولَٰئِكَ لَهُمْ
جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ
أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ
وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ
وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (الكهف-31). وفي المشهد العلوي ولدان يدورون حول السيدة النبيلة ،بشكل
يتوافق تماما مع ما قال الله تعالى في محكم كتابه: وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ
مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (الانسان-19).
ومن نحاية اخرى نجد في المشهد
العلوي ( اللوحة :1-ب ) طقوس دينية
ترافقها الموسيقى المصحوبة بالاهازيج والتواشيح الدينية . ومن جانب اخر نجد شجرة العنب والتي تعتبر من فواكه
الجنة،ولم يهمل الفنان رمزية المعبود وذلك حين تعمد إظهاره بشكل الهلال في الادوات
والآلات الموسيقية وكذلك في شكل الكف للسيدة النبيلة اليمنى في المشهد العلوي
(الشكل : ) ، وهو نفس الهلال الذي يتربع على المأذن الاسلامية حتى الان . وهنا
الولدان في المشهد العلوي يقدمون المشروبات أكانت نبيذ او فاكهة او عبارة عن نذور
تقدم للسيدة النبيلة التي ربما كانت تعتقد بفوزها بالجنة او بما كانت تتمنى في
حياتها الثانية حياة ما بعد الموت (الجنة)، اعتقادها ذلك ربما كان نظرا لما كانت
تعتقد بانها قدمت وعملت من اعمال ترضي المعبود في حياتها بالدنيا ،حيث كشفت بعض النقوش
الدينية على ماهو حرام وحرام ، مثل ممارسة الجنس ايام الحج او الزناء او السرقة
...الخ ([1])،وندرك
كيف كانوا محافظين على التعاليم الدينية التي مارسوها قبل الاسلام مثل : الحج
والتطهر من الجنابة والاغتسال منها وعدم دخول المعابد دون تطهر والوقف والزكاة (
العشر ) ، ومن المحرمات : الزناء والقتل العمد والسرقة ..الخ وبالتالي نعتقد ان
الفنان صور تلك السيدة النبيلة بصالح اعمالها في الدنيا والمتوقع لحياتها بعد
الموت ، قال تعالى : جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ
الْأَبْوَابُ(50)مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ
وَشَرَاب ٍ(ص-51). لقد قسم الفنان سطح اللوح النذري الى مشهدين (سفلي
وعلوي)، وهذا لم يكن على الفطرة او حتى عشوائيا وانما وفقا لحسابات هندسية دقيقة،
أنتجت (سيناريو) زمانية ومكانية لرواية وسرد تتابع الأحداث، بدءاً من الأرض في المشهد
السفلي وانتهاءً بالسماء في المشهد العلوي ( اللوحة : 1- ب).
يقدم هذا
البحث رؤية جديدة لتفسير اللوحات النذرية ، ويتناول الموضوع دراسة لجوانب تصويرة
تجسد حياة الدنيا وحياة الاخرة (جنة الخلد )، من حيث دراسة موضوع اللوحات الفنية، والزخرفة والرموز
والكتابة المسندية .وسوف تركز الدراسة على مشاهد تصويرية لعدد من اللوحات النذرية
، نعتقد انها تجسد جانب من الفكر الديني والايمان بالبعث وجنة الخلد ،والذي رمز
اليها الفنان في تلك المناظر التصويرية المتنوعة ،وتقدم اللوحة(1) نموذج لهذا
الاعتقاد الذي نعتقد انه كان سائدا قبل الاسلام في ممالك جنوب الجزيرية العربية
خاصة في مملكة سبأ .
اللوح (1) هو
نموذج للدراسة والذي سوف يتناولها الباحث بشكل مفصل خاصة الجوانب الفنية بشكل علمي
ومتعمق مع المقارنة مع ما يماثلها من الألواح النذرية ان وجدت في باقي حضارات جنوب
الجزيرة والمكتشفة حتى الان في مملكة سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت وتهامة،ومعظمها
معروضوة في قاعات المتاحف الدولية خارج اليمن، البعض منها وصلت لتلك المتاحف لخفة
وزنها وماتحمله من منحوتات فنية وجمالية لها مدلولات دنيوية واخرى لحياة مابعد
الموت، بالاضافة الى رموز واشكال زخرفية هندسية ونباتية نحتها الفنان باسلوب بديع
،وسوف يكون لنا دراسة عامة لتلك اللوحات الفنية بشكل عام واللوحة (1) بشكل خاص
بمنهجية وصفية مقارنة واستقراء تحليلي حتى نستطيع ان نلمس من خلال ذلك دلالاتها والمعالم
الجمالياته الفنية فيها،وعمقها الدلالي الفكري لزمانها ومكانها ذلك الوقت ،كونها
مجردة من الوجود المادي ،وبعدها الروحي المرتبط في رموز دينية .
وتهدف الدراسة
الى التعمق في الجوانب الفنية وتحليل موضوعي سليم لهذه اللوحات التصويرية للخروج
بنتائج حقيقية عن الفن في اليمن القديم. وكذلك التعرف على طبيعة الصورة والنفس
التي رسمها الإنسان اليمني القديم ، وباسلوب النحت البارز ،مع الاخذ في الاعتبار
التوافق -ان وجد – مع بعض النصوص القرآنية
، وكيف تعامل القرآن الكريم مع هذه الصور، وما هو الأثر المترتب عليها وعلاقتها
بجوانب حياتية دنيوية واخرى حياة ما بعد الموت . وتكمن أهمية الموضوع في أنه
يتناول موضوع فني جديد في التاريخ القديم خاصة في النحت والتجسيد وعن ما تتضمنه من
رموز وتعابير عن (الموت والحياة في فنون حضارة جنوب شبه الجزيرة العربية)اعتمادا
على جانب فني وما يتضمنه من تعابير ومدلولات رمزية .
وكونها دراسة جديدة تناولها
الباحث لاهميتها ومن اجل الاهتمام بمثل هذه البحوث العلمية، وضرورة التوسع في
دراستها دراسة منهجية موسعة، حيث تتضمن هذه اللوحات الاثرية النذرية والذي يطلق
عليها البحاثين (شواهد القبور) والتي عليها منحوتات ادمية وحيوانية وزخرفيه نباتية
وهندسية والى جانب كتابات مسندية غالبا ما تبدأ باللفظ ( ص و ر ، ن ف س )ومن ثم
اسم صاحب المشهد (الصورة) اكان مذكر او مؤنث،بعد ذلك ياتي اسم صاحب اللوح (الصورة)
ونسبه ، فعلى حد علمي أن هذا الموضوع لم يسبق تناوله بالبحث أو الدراسة باستثناء
بعض الاشارات المتفرقة ضمن ابحاث خاصة بجوانب اخرى
وقد انتقيت من هذه الشواهد الاثرية (اللوحة : 1) نموذج رئيس والى جانبها شواهد اخرى مماثلة لنموذج الدراسة من حيث الهدف والمضامين والاسلوب الفني من حيث النحت واختيار المادة، ويمكن من خلال ذلك التعرف على طبيعة تلك المشاهد التي نحت في معظمها مشهدين اثنان ،سفلي وعلوي، وقد رجحنا بمدلول تلك المشاهد التصويرية لحياة الدنيا (المشهد السفلي )، وحياة الخلود وما بعد الموت (المشهد العلوي) وجميعها تعبر عن كل حالة من الحالات التي عاشاها المتصورون في حياة الدنيا ،وعن ما يتمنوا او يطمحون بالوصول اليه بعد الموت في حياة الاخرة وجنة الخلد ، وبالاضافة الى المدلولات اللغوية للكتابة المسندية ومعانيها مع مقارنتها في ضوء ما جاء للفظ (صور ،نفس، قبر، ) في القران الكريم والتوسع في ذلك للتطرق بعد ذلك الى أقوال المفسرين واقتضت متطلبات البحث ألى تقسيمه بعد مقدمة موجزة ، الى ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : تعريف اللوحات (النذرية) والمستوى الفكري قديما والصور التي تتضمنها.
المبحث الثاني : المواد الفنية واسلوب النحت فيها.
المبحث الثالث : قراءت اللوحة الفنية ومدلولاتها الدنيوية وما بعد الموت وجنة الخلود .
وقد انتقيت من هذه الشواهد الاثرية (اللوحة : 1) نموذج رئيس والى جانبها شواهد اخرى مماثلة لنموذج الدراسة من حيث الهدف والمضامين والاسلوب الفني من حيث النحت واختيار المادة، ويمكن من خلال ذلك التعرف على طبيعة تلك المشاهد التي نحت في معظمها مشهدين اثنان ،سفلي وعلوي، وقد رجحنا بمدلول تلك المشاهد التصويرية لحياة الدنيا (المشهد السفلي )، وحياة الخلود وما بعد الموت (المشهد العلوي) وجميعها تعبر عن كل حالة من الحالات التي عاشاها المتصورون في حياة الدنيا ،وعن ما يتمنوا او يطمحون بالوصول اليه بعد الموت في حياة الاخرة وجنة الخلد ، وبالاضافة الى المدلولات اللغوية للكتابة المسندية ومعانيها مع مقارنتها في ضوء ما جاء للفظ (صور ،نفس، قبر، ) في القران الكريم والتوسع في ذلك للتطرق بعد ذلك الى أقوال المفسرين واقتضت متطلبات البحث ألى تقسيمه بعد مقدمة موجزة ، الى ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : تعريف اللوحات (النذرية) والمستوى الفكري قديما والصور التي تتضمنها.
المبحث الثاني : المواد الفنية واسلوب النحت فيها.
المبحث الثالث : قراءت اللوحة الفنية ومدلولاتها الدنيوية وما بعد الموت وجنة الخلود .
وختم البحث بخاتمة بينت فيها النتائج والتوصيات .وختاماً فهذا الجهد محاولة يراد منها تنويع الدراسات الفنية والبحث
عن مداخل جديدة ، والله الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى
آله وصحبه وسلم.
![]() |
| اللوحة: 1 ، أ - ب |
قال تعالى : يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ..تأملوا للوحة الاثرية جيدا (لانها انموذجا للدراسة)..
هذه مستل من احد
ابحاثا الجديدة والتي بسبب الظروف التي تمر بها البلاد لم تنشرحتى الان،
واتمنى الالتزام بالحقوق الفكرية وعدم الانجرار في اخذ أي مجهود علمي قبل النشر او
دون موافقة الباحث.
يتبع ،،،،،
وتقديرا للمهتمين والباحثين في هذا الجانب نضيف اليكم الاتي:
يتبع ،،،،،
وتقديرا للمهتمين والباحثين في هذا الجانب نضيف اليكم الاتي:
ملخص اضافي مستل من البحث الرئيسي(المراة اليمنية وحياة الخلود في الفن اليمني القديم) ص 63 ، 64 يتطرق من خلال ذلك الباحث الى طبيعة الفنون منها ما تناوله عن الأشكال والزخارف الهندسية وتحديدا ( شريط زخرفي بهندسية متعرجة )،وسوف نطرح للباحثين المادة العلمية الخاصة
بـ ذلك، ونترك باقي الدراسة الاثرية الفنية عن باقي الزخارف والاشكال ( نباتية، هندسية، ادمية، حيوانية،وغيرها حتى نشر البحث
انشاء الله) او اضافة بعض الفقرات والمواد من البحث :
يذكر الباحث في الدراسة قائلا ص 63: ويفصل بين
المشهد العلوي والمشهد السفلي التصويري شريط زخرفي لخطوط هندسية متعرجة متداخلة الأجزاء،
وهذا النوع من الزخارف هو تعبير فني عن الحيوية والاتزان في التصميم
والانسجام في السريان
![]() |
| (الشكل: 3 ،4 ، 5 - تفريغ د/ الاء الاصبحي) |
هذا الخط الزخرفي شبيه بخط زخرفة الميندار والتي
جاءت على عدة أشكال وتسمى بالخط المكسور أو شكل الخطاف broken
or hook meanders (الشكل:
4).
هذه الخطوط
ليست مغلقة ولا مستمرة بخط واحد وتسمى angular shaped lines، هذا الخط يعبر على تغير التوجيه،
ويعبر عن الجمع بين المتاهة والتركيب، وهي على عدة أنواع أقدمها يعود لعام 600 ق.م
تقريبا، (الشكل : 1)، وتسمى ايضاً بالمفتاح الإغريقي Greek
fret أو Greek key، وكانت من أهم الزخارف الإغريقية
التي تعبر عن الأبدية فهي تعبر عن حالة من التوالد والتدفق الأبدي، وقد زينت بها
أغلب المعابد والأدوات، فقد كانت ترمز أيضاً عن حالة الترابط بين الأصدقاء أو الحب
أو الولاء والإخلاص. وهي ترمز أيضاً للفصول الأربعة والأمواج أو الثعابين ( شكل :
3).
وبحسب ما سبق
من توضيح وما تم من إعادة رسم للشريط الزخرفي نتج لدينا مندر Yemeni Meander
يمني في تكوينه الفني بعد أن تم مقارنته بأنواع المِنِدر Meander اليونانية لكن المندر اليمني كان
متميزاً بالنقطة التي ينتهي بها الخط المنكسر الهندسي لكل وحدة كما في (اللوحة: 1)، والذي يمكن تاريخه الى ما بين
القرن العاشر القرن الثامن قبل الميلاد تقريبا ، وفصل المشهدين التصويريين في
الأعلى والأسفل بهذا الشريط الزخرفي بالذات يعطي معنى الرحلة من المشهد السفلي
الدنيوي عبر هذا الشريط الزخرفي إلى الحياة الأبدية التي تشير لها رمزية سلسة
المندر، فهي تعبير عن تغير التوجيه بواسطة الولاء والإخلاص والحب (للمعبود)
والانتقال المتزن من حيز الوجود الكوني إلى حيز الوجود الروحي (اللوحة: 1).
وقد يكون
المندر رمزاً للجنة التي تجري من تحتها الأنهار في المشهد العلوي، (انظر اللوحة 1- أ ،ب) وهي تشبيه مبكر تم توضيحه فيما بعد في القران الكريم، هذه الإشارة قد تعطي فرضية
أنها إحدى النساء السبئية والتي كما سبق تناوله تسمى ( / (ح ن ن) م / بن / ع ب د م / ز هـ م ن / ) أي: حنان عبيد
الزهماني)، كل ذلك يذكرنا بملكة سبأ وما كان لها من ملك عظيم، وأنها ملكت
ارض الجنتين في سبأ، وأنها اسلمت اسلام ندية مع سليمان عليه السلام.
كما انه يمكنا
معرفة تعمد الفنان نحت هذا الشريط الزخرفي الهندسي ،وكانه وضع الفكرة التي تنقلنا
من المشهد السفلي وعبر هذا الشريط الهندسي الى المشهد العلوي،او كانه يرمز لمنفذ
الصعود والعبور من خلاله الى حياة الخلود . ولهذه الخاصية التعبيرة ما يماثلها من
حيث الرمزية . وفي بلاد الرافدين وجد لوح نذري يحمل نفس الفكرة والدلالة ويطلق
عليها زقورة تربط بين السماء والأرض ([1]).
ونتمنى للمرة
الثانية الالتزام بالحقوق الفكرية وعدم
الانجرار في اخذ أي مجهودنا الفكري قبل النشر او دون موافقة الباحث.
مع تحياتي
للجميع 31- 12- 2019م.




دراسة مثيره للاهتمام تمنياتي لك بالتوفيق اخي انور
ردحذف