لهجة خبان حميرية قديمة بامتياز...اليوم العالمي للغة العربية.
لهجة ظفار خبان الحميرية وبقائها المتداول حتى الان..
انور محمد
الحاير
جاء هذا المقال المستل من احد ابحاثنا غير المنشورة، بمناسبة اليوم
العالمي للغة العربية الذي يوافق تاريخ يومنا هذا 18 - 12- 2019م،
وبمناسبة هذا اليوم العظيم اضع بين ايديكم بعض الألفاظ المسنديه القديمة والتي لا
تزال متداولة في منطقة ظفار خبان حتى الان...
قد يتبادر لذهن القارئ أنني أحد أولئك الذين يجندون
الحق في خدمة الباطل، أو الذين يسهمون في هدم صرح العربية، بمعاول الدراسات
المغرضة، التي تقوم على المفارقات بين الفصحى من ناحية، واللهجات الدارجة هنا
وهناك من ناحية أخرى ....، فينتهون من ذلك إلى أن العرب لا يمكن أن تفهم بعضها،
وأن الفصحى أصبحت جديرة بأن تدخل المتاحف الأثرية لأنها لأنها إرث قديم، ولم تعد
تُفهم إلا قليلا!
بداية علينا ان نتطرق الى موقع خبان وانها كانت تعرف بظفار خبان
عاصمة سبأ وذي ريدان قبل الاسلام، والواقعة في اليمن في محافظة إب وتعرف اليوم
بمديرية السدة والرضمة والقفر ويريم، وحدود ظفار خبان الجغرافية ممتدة من الناحية
الشرقية حتى جبل اسمه جبل هيوه خبان في محافظة البيضاء وتحديدا مخلاف (صباح)،
وتمتد جنوبا حتى حدود مملكة قتبان وحاضرتها مدينة (جبل العود)، وتفصل فيما بينهن-
مدينة العود ومدينة ظفار- جداول نهرية ( مجرى سيل الأعور وسيل البتري)، وتمتد حدود
ظفار خبان من الناحية الجنوبية الغربية الى نقبل سماره(صيهد)، ومن الشمالية تصل
حدود مدينة ظفار الى مخلاف عنس في محافظة ذمار، ويعتبر باب اسلاف الواقع شمال
مدينة يريم احد بوابات ظفار الطبيعية، وامتداد مدينة ظفار خبان من الناحية
الشمالية الغربية حتى مخلاف القفر وتحديدا الى قمم جبال (القلة) وجبال (خودان) في محافظة إب ، وبالتالي هذا هو
موقع ظفار الحقيقي وفقا لنتائج دراسة علمية قام بها الباحث (الحاير: 2016)، وتلك
حدود ظفار خبان كمدينة بمساحتها الجغرافية بالتحديد دون زيادة او نقصان ،وتعرف
اليوم تلك الاماكن بخبان .
ومن جانب اخر فان ظفار خبان
عاصمة سبأ وذي ريدان، كانت مسقط رأس الملوك والاقيال الحميريين منهم الاكثر شهرتا
والمعروف ب اسعد الكامل، ويعرف في النقوش المسندية ب( اب كرب اسعد)، وعند
الاخباريين أسعد تبع والذي قال في قصيدة له ما يؤكد انه من ظفار خبان ابائه واجداده في قصيده له
طويلة قال فيها ([1]):
وريدان قصري في ظفـــــــــار ومنزلي بهـــا اس جدي دورنـــا والمنـــــاهل
على الجنة الخضراء من ارض يحصب ثمــــــانون سدا تقذف الماء ســـــائلا
من ناحية اخرى يذكر اليعقوبي عن اسعد الكامل قائلا:ثم ملك تبع بن
حسان بن بحيلة بن ملكيكرب بن تبع الأقرن، وهو أسعد أبو كرب، وهو الذي سار من اليمن
إلى يثرب، وكان الفطيون قد تملك على الأوس والخزرج، فسامهم سوء العذاب، فخرج مالك
بن العجلان الخزرجي، فشكا ذلك إلى تبع، فأعلمه غلبة قريظة والنضير عليهم، فسار تبع
إليهم، فقتل قوما من اليهود، وكان تبع خلف ابنا له بين أظهرهم، فقتلوه، فزحف
إليهم، وحاربهم.
وجاء في مروج الذهب ما يفيد عن كانوا في ظفار قائلا
:وقد كانت ملوك اليمن تنزل بمحينة ظَفَارِ، مثل آل ذي سحر وآل ذي الكلاع وآل ذي
أصبح وآل ذي يزن، إلا اليسير منهم فإنهم نزلوا غيرها وكان على باب ظَفَارِ مكتوب
بالقلم الأول في حجر أسود:
يوم شيدت ظفار قيل: لمن أنت؟ ... فقــــالت: لحمير الأخيـــــار
ثم سيلت: من بعد ذأك؟ فقالت: ... إن مـــــلكي للأحْبُش الأشرار
ثم سيلت مَنْ بعد ذاك؟ فقالت: ... إن ملكي لـــــــفارس الأحرار
ثم سيلت: ما بعد ذاك؟ فقالت: ... إن ملكي إلى قريش التجـــــار
ثم سيلت: ما بعد ذاك؟ فقالت: ... إن ملكي لحمير وصحـــــــــار
وقليلا ما يلبث القومُ فيهـــــــا ... منذ شيدت مشيدهـــــــا للبوار
من أسودٍ يلقيهمُ البحر فيهـــــا ... تشعل النار في أعالي الديــــار
يوم شيدت ظفار قيل: لمن أنت؟ ... فقــــالت: لحمير الأخيـــــار
ثم سيلت: من بعد ذأك؟ فقالت: ... إن مـــــلكي للأحْبُش الأشرار
ثم سيلت مَنْ بعد ذاك؟ فقالت: ... إن ملكي لـــــــفارس الأحرار
ثم سيلت: ما بعد ذاك؟ فقالت: ... إن ملكي إلى قريش التجـــــار
ثم سيلت: ما بعد ذاك؟ فقالت: ... إن ملكي لحمير وصحـــــــــار
وقليلا ما يلبث القومُ فيهـــــــا ... منذ شيدت مشيدهـــــــا للبوار
من أسودٍ يلقيهمُ البحر فيهـــــا ... تشعل النار في أعالي الديــــار
لقد ظلت ظفار خبان لمدة طويلة العاصمة السياسية لمملكة حمير فقد اهتم
ملوك تلك المملكة بتحصينها وتشييد المباني العامة والمعابد ،والأسواق،والسدود،إلى
جانب المباني الخاصة مثل القصور،والمنازل، والتي لازالت بقاياها الأثرية ظاهرة
للعيان حتى اليوم ومن أهمها( قصر ريدان، وشوحطان،وكوكبان ) على ان “قصر ريدان” كان
الأشهر. وهنا لدينا دليل على القصر وليس المدينة كما اعتقد البعض بدليل ما ذكر
الهمداني من وصف للقصر وانه كان قصر عظيم يحيطه نحو 7 أسوار محصنة ومنيعة ومثل
مركز القيادة والنفوذ للمملكة، ولم يتبقى من القصر اليوم الا بضعة أمتار شاهدة
للعيان وبقايا أسوار وإطلال من المعالم المنحوتة، منها في أعلى جبل هدمان المقابل
لقصر ريدان كهف يسمى “حود الذهب”، ويوجد عليه فتحة مختومة من سمك الحجر، كلما رآها
أحد من بعيد وجدها تلمع مثل الذهب، وكلما اقترب منها لم يجد شيء، وكان يوجد عليها
حيوان الحرباء يمنع أي شخص من الاقتراب منها وقد مات.وصفها احد الكتاب قائلا: ظفار خبان عذراء ألتاريخ وسليلة ألعرش
السبئي, فاتنة الملوك وألاقيال وحاضرة أذواء حمير..
وفي نفس الوقت فان ظفار خبان
ايضا ارض القصور والحصون والقلاع، اهمها بقايا اطلال القصور الملكية ( ريدان ،
هرجب، شبعان، تراحب . شبعان. شوحطان. شكعان. كوكبان. تراحب. نصر( ن س3 ر) . يكرب.
يرس. يحوق. ذي اشرع. ذي يكار. كل...نم. ذي السور. ذي حريم (الحاير: 2014)....الخ ..
وسوف نعود الى موضوعنا الرئيسي عن لهجة خبان ونتناول بعض الالفاظ
الخبانية والتي تم اثباتها في دراسة علمية غير منشورة، والتي جائت في الكثير
النقوش المسندية قبل الاسلام (الحاير: 2016)، استل البعض منها من بحث خاص في معجم اللفاظ خبانية قديمة باقية
على السن الاهالي حتى الان،وسوف نتناول احد الامثلة كمنهج متبع في البحث الخاص
بذلك ومنها الاتي:
شرح: في الواقع كلمة عربية يمنية قديمة مذكورة في نقوش المسند بنفس الدلالة،وما
تزال حية في لهجة خبان،شرح يشرح : حمى وحفظ.والشارح: الحافظ،وجمع الشارح:شراح
بالضم، وجاء اللفظ (ش ر ح ) في معاجم اللغة قد اوردوها في مادة ( شرج) بالجيم، ففي
اللسان قال : والشارج : الناظور، يمانية عن أبي حنيفة، وأشد:
وما (الشاكر) إلا عصافير جربة.......... يقوم إليها شارج فيطيرها.
انتهى
والشارج في حقيقة الامر ماهو إلا الشارح بالحاء الذي يشرح الزرع في
الجربة حافظا له وحاميا من الناس والحيوانات والطيور ولكن الكلمة تصفحت إلى الجيم وقد
يكون من تصحيفات النساخ او تخريف تناوله اللغويون حتى وصل إلى ابن منظور ومن بعده،
والسبب الحقيقي ماهو إلا جهل وعدم معرفة أوائل اللغويين بلهجات اليمن وأهل اليمن،
غالبية سكان الجزيرة العربية، مهد اللغة العربية ومسرح تطورها، فلم يوردوا منها
إلا القليل(الارياني:2012م).
وهذه بعض الالفاظ الذي تضمنها بحثنا، جائت في النقوش المسندية (الحميرية)
لا تزال حية في لهجة خبان الى اليوم منها على سبيل المثال:
شرج، قنع، دحق، هرب، نيط، نحز، سيح، سند، زند، جحجح، بتية، صلل، ودن،
ينف، ندف، أنف، أتب، إبترم، أخبب، برم، هبر، لطط، دهر، نطل، نطز،بلم، بهث، وثن،
قيح، أكبي، تعنت، نطع، خطل، خبط، رجز، جيش، زنط، ضمد، عكر، خرش، عسب، عزم، قطر،
كفل ،مخطر، شصر، لفج، سك، عقب، معل، عض،مشيام، منش، كفت، نتخ، هقر، رطن، حجن،وحر،
رقن، رزى، كنن، شرح، ودن، شرج، بزق، ورور، زلفة، لعز، دقر، ظفر، هرط، فلج، لفج،
كدف، هوثر، شقر، وثب، دقر، ردع، بضع، جول، تنح، لفي، مشر، شقص، سنح، حصم، برق،
كريف، ماجل، عرم، مرواة، بتل، فقل، صرب، جرين، جربه، زلج، عسق، مهذرة،
.................الخ، مع العلم انها متداولة عند الاهالي بصورة عامة حتى
الان، وهي بنفس المعنى والمدلول اللغوي في
النقوش القديمة، وتتوافق معظمها مع ما جاء من معاني في المعجم السبئي.
مع خالص تحياتنا للجميع
18- 12- 2019م

تعليقات
إرسال تعليق